قال رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، إن لوبي الفساد، “المستفيد من واقع الريع وتحالف السلطة مع المال” بالمملكة، يتّجه نحو “تسييج المجتمع بالخوف وفرض سياسة الأمر الواقع”، بالقبول بالظلم والرشوة كقدر محتوم
وقال الغلوسي، في مقال له، إن “هذا اللوبي راكم الثروة وأسّس لمصالح كبرى باستغلال مواقع السلطة والمسؤولية، ولذلك لن يقبل بأن تكون للمجتمع الكلمة والرأي فيما يتعلق بتدبير شؤونه، وينهج من أجل ذلك سياسة تكميم الأفواه”.
وأضاف أن هذا اللوبي “يفعل كل شيء من أجل صناعة الخوف وضرب كل المكتسبات وعدم السماح بالتقدّم في مسار الإصلاح الديمقراطي وتخليق الحياة العامّة”.
وفي سبيل تحقيق ذلك – يضيف الغلوسي – “عمد هذا اللوبي إلى إقبار تجريم الإثراء غير المشروع والإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وهو يخطط الآن لمنع الجمعيات من التبليغ عن جرائم الفساد التي تشكّل مصدر اغتناء لصوص المال العام، بل وعمد إلى غلّ يد القضاء في تحريك الأبحاث والمتابعات القضائية، وهاجم الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها وسفه كل مجهوداتها”.
ودقّ الحقوقي المغربي ناقوس الخطر لاستفحال المسعى “التدميري لهذه الشبكات والمافيات التي تغوّلت وأصبحت تهدّد الدولة والمجتمع”، داعيا القوى وكل الضمائر الحية إلى “مقاومة ورفض اللوبي المستفيد من الفساد والمتحالف مع تجّار المخدّرات وشبكات تبييض الأموال، خدمة لمصالحه الشخصية على حساب المصلحة العامّة”.
إلى ذلك، كشف المحامي أن جهة مراكش-آسفي تشهد “تغوّلا للفساد، تتجلّى بعض مظاهره في أن عائلات تتوارث المناصب وتراكم الثروات عبر استغلال النفوذ والسلطة، دون إخضاعها لأي محاسبة”.
وقال الغلوسي في تصريحات إعلامية: “لا يجب أن تستثنى هذه الجهة من المحاسبة، ومن الضروري أن يلمس الناس أن هناك ربطا للمسؤولية بالمحاسبة ومحاربة الفساد الذي تغوّل بالجهة”، مشيرا إلى أن “هناك محاباة في التعامل مع تقارير المجلس الأعلى للحسابات”.
وأوضح في السياق أن “الرأي العام بذات الجهة يتساءل حول أسباب استثنائها من المراقبة والمحاسبة ومن تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة”، مطالبا بـ”تفعيل التقارير التي تحدثت عن اختلالات تدبيرية ومالية وقانونية على صعيد ذات الجهة”.
وسجّل الغلوسي أن ملفات أخرى قُدمت أمام القضاء “تفيد بأن الفساد يهدد سيادة القانون والعدالة”، محذّرا من خطورة تحويل “ما يفترض أن يكون ملجأ للناس لرفع المظالم وتحصين الحقوق وملاذا للمظلومين والباحثين عن العدل والإنصاف، إلى مجال مربح يدرّ أموالا طائلة”.
وأكد أن “طاعون الفساد الذي شاع وتغوّل في جميع مفاصل الدولة هو أكبر خطر نواجهه، لكن الأخطر هو أن يصل إلى القضاء ويشعر الناس بأن ملاذهم الآمن لم يعد كذلك، ويتربصهم الخوف ويتفاقم الشعور لديهم بالظلم والتمييز والتهميش بسبب مرتشين وفاسدين يتاجرون في كل شيء ويهددون الاستقرار والأمن القانوني والقضائي، ويخضعون بيع وشراء الملفات لقانون العرض والطلب تحت شعار: الأولوية لمن يدفع أكثر”.
واتهم الغلوسي هؤلاء بـ”المقامرة بمستقبل المغاربة جميعا”، واصفا إياهم بـ”الجشعين ومصّاصي الدماء الذين يتاجرون بأحلام وحقوق الناس وآهاتهم وآمالهم وآلامهم دون شعور بالذنب”.
وطالب رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام بشنّ حرب “لا هوادة فيها” على “سماسرة الأحكام القضائية”، الذين يبيعون ويشترون الحقوق باستعمال “أساليب العصابات والمافيات الإجرامية”، وفتح تحقيقات لمتابعتهم قضائيا، واتخاذ إجراءات صارمة لحجز ممتلكاتهم وأموالهم ومصادرتها لفائدة المصلحة العامة”.