كشفت الصحيفة الإسبانية “دياريو دا سيفيلا” عن الأساليب الملتوية التي استخدمها المغرب في السنوات الأربع الأخيرة للضغط من أجل حشد دعم بعض من شركائه لمقترحه الوهمي لما يسمى الحكم الذاتي في الصحراء الغربية، وذلك باستخدام استراتيجية اختلاق أزمات ثنائية يتم حلها في نهاية المطاف بدعم السيادة المغربية المزعومة على الصحراء الغربية.
وأبرز مقال نشرته اليومية الإسبانية أنه لا توجد قضية أكثر أهمية بالنسبة للمملكة المغربية لا داخلية ولا خارجية، من قضية الصحراء الغربية، موضحة أن جميع التحركات الدبلوماسية التي تقوم بها المملكة تخضع للقضية والمتمثلة في محاولات “فرض سيادتها المزعومة على الإقليم الذي كان مستعمرة إسبانية حتى عام 1976، ولازالت تعتبره الأمم المتحدة إقليما غير متمتع بالحكم الذاتي، في انتظار تصفية الاستعمار منه”.
واليوم، تشير الصحيفة إلى أن الجزء الكبير من الاتصالات العلنية التي تقوم بها وزارة الخارجية المغربية تسعى لإيجاد أساليب الضغط من أجل حشد الدعم بشكل أو بآخر، من مختلف الدول في القارات الخمس لدعم أطروحتها الوهمية في الصحراء الغربية.
وذكرت الصحيفة أنه منذ 2007، بقي مقترح ما يسمى بـ”الحكم الذاتي” لإنهاء النزاع طويل الأمد يراوح مكانه لاسيما وأن “جبهة البوليساريو المعترف بها من قبل الأمم المتحدة كممثل شرعي ووحيد لشعب الصحراء الغربية ترفض هذا الطرح”.
واستبعدت الصحيفة أن تحدث تغييرات جوهرية في تسوية قضية الصحراء الغربية سواء في وضع الإقليم أو على أرض الواقع، حيث يسود توتر لا يخلو من تبادل إطلاق النار المتقطع، بعد إعلان جبهة البوليساريو في 14 نوفمبر 2020 أن وقف إطلاق النار الساري مع الرباط منذ عام 1991 قد تم خرقه، وهذا بعد 33 عاما من اتفاق طرفي النزاع (المغرب وجبهة البوليساريو) على وقف إطلاق النار تمخض عنه إنشاء الأمم المتحدة لبعثة مهامها إجراء استفتاء لتقرير المصير في الصحراء الغربية والذي لازالت المملكة المغربية تعرقل تطبيقه إلى اليوم.
وحسب الصحيفة، فإنه بعد مرور ما يقرب من نصف قرن على النزاع، سعى المغرب خلال السنوات الأربع الأخيرة إلى افتكاك الدعم لسيادته المزعومة على الإقليم، من بعض الأنظمة لاسيما الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، إلى جانب فرنسا وإسبانيا.
وأبرزت “دياريو دا سيفيلا” كيف تمكن المغرب من افتكاك هذا التأييد وبدرجات متفاوتة، بعد انتظار دام 15 سنة من طرحه لهذه التسوية، وذلك باستخدام استراتيجية واحدة مع كل دولة تتمثل، حسب الصحيفة الإسبانية، “في اختلاق أزمات ثنائية ليتم حلها في نهاية المطاف بدعم السيادة المغربية المزعومة على الصحراء الغربية”.
وعلى هذا الأساس، تقول الصحيفة، فقد أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بطريقة فريدة من نوعها مع اقتراب انتهاء عهدته، الاعتراف بمقترح المغرب، وفي صفقة مقايضة طالب ترامب بالمقابل من المغرب تطبيع علاقاته مع الكيان الصهيوني، غير أن الصحيفة أكدت أن المغرب لم يكتف بهذا الاعتراف ليرفع من سقف مطالبه في نوفمبر 2021 ويدعو شركاءه لاتخاذ مواقف “أكثر جرأة ووضوحا” بشأن النزاع في الصحراء الغربية، وهو ما حدث مع إسبانيا التي أكدت الصحيفة الاسبانية أنه و”بعد أقل من خمسة أشهر من أزمة دبلوماسية مفتعلة، استسلمت مدريد للضغوط المغربية، حيث دافع رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز في رسالة له عن مقترح الحكم الذاتي الوهمي”، مبرزة أنه القرار الذي لم تفسره حكومة سانتشيز لمخالفته موقفها التقليدي والتاريخي، والذي أثار معارضة من البرلمان الإسباني واستنكار العديد من الفعاليات السياسية ومن المجتمع المدني لهذا البلد، حيث طالبوا بشدة بضرورة تصحيحه.
وتابعت الصحيفة بأنه قبل بضعة أسابيع فقط، ذهب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أبعد مما ذهب إليه سانشيز بتأكيده على أن مقترح الحكم الذاتي الذي تقدمت به الرباط هو “الأساس الوحيد لحل سياسي وعادل ومستدام وتفاوضي”، مبرزة أن “فرنسا القوة الاستعمارية السابقة والشريك الاقتصادي للمغرب، كسرت توازنها لتتحول لصالح الرباط”.
كذلك رأت الصحيفة أن هذا الحشد الدبلوماسي يأتي في الوقت الذي لازال فيه هذا النزاع بعيدا عن الحل، في ظل غياب المفاوضات بين طرفيه وتناسي القوى الكبرى له بشكل متزايد، موضحة ما يخفيه موقف ماكرون من دوافع اقتصادية ومصالح على حساب الشرعية الدولية، وهنا، ذكرت الصحيفة بأنه بعد ثلاثة أيام من إعلان تحول الموقف الفرنسي من الصحراء الغربية بشكل رسمي، فازت شركة “إيجيس” الفرنسية في تحالف مع شركة “سيسترا” الفرنسية وشركة “نوفيك” المغربية، بعقد مساعدة الشركة المغربية المشغلة للسكك الحديدية في توسيع الخط فائق السرعة بين مدينتي القنيطرة ومراكش بقيمة مالية تقدر بـ130 مليون يورو.
م.فريال